الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآية رقم (32): {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ} نهوا عن التحاسد وعن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال، لأن ذلك التفضيل قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد، وبما يصلح المقسوم له من بسط في الرزق أو قبض {وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض} [الشورى: 27] فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له علماً بأن ما قسم له هو مصلحته، ولو كان خلافه لكان مفسدة له، ولا يحسد أخاه على حظه {لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا اكتسبوا} جعل ما قسم لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرف الله من حاله الموجبة للبسط أو القبض كسباً له {واسألوا الله مِن فَضْلِهِ} ولا تتمنوا أنصباء غيركم من الفضل، ولكن سلوا الله من خزائنه التي لا تنفد. وقيل: كان الرجال قالوا: إن الله فضلنا على النساء في الدنيا: لنا سهمان ولهن سهم واحد، فنرجو أن يكون لنا أجران في الآخرة على الأعمال ولهن أجر واحد، فقالت أم سلمة ونسوة معها: ليت الله كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم. فنزلت..تفسير الآية رقم (33): {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}{مّمَّا تَرَكَ} تبيين لكل، أي: ولكل شيء مما ترك {الوالدان والاقربون} من المال جعلنا موالي وراثاً يلونه ويحرزونه: أو ولكل قوم جعلناهم موالي، نصيب مما ترك الولدان والأقربون على أن {جَعَلْنَا مَوَالِىَ} صفة لكل، والضمير الراجع إلى كل محذوف، والكلام مبتدأ وخبر، كما تقول: لكل من خلقه الله إنساناً من رزق الله، أي حظ من رزق الله، أو: ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك، أي ورّاثاً مما ترك، على أن (من) صلة موالي، لأنهم في معنى الورّاث، وفي (ترك) ضمير كلّ، ثم فسر الموالي بقوله: {الوالدان والأقربون} كأنه قيل: مَنْهم هم؟ فقيل: الوالدان والأقربون {والذين عَقَدَتْ أيمانكم} مبتدأ ضمن معنى الشرط. فوقع خبره مع الفاء وهو قوله: {فآتوهم نصيبهم} ويجوز أن يكون منصوباً على قولك: زيداً فاضربه، ويجوز أن يعطف على الوالدان، ويكون المضمر في (فآتوهم) للموالي، والمراد بالذين عاقدت أيمانكم: موالي الموالاة كان الرجل يعاقد الرجل فيقول: دمي دمك، وهدمي هدمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك، وتعقل عني وأعقل عنك، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف، فنسخ.وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب يوم الفتح فقال: «ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به، فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة، ولا تحدثوا حلفاً في الإسلام» وعند أبي حنيفة: لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يتعاقلا ويتوارثا صح عنده وورث بحق الموالاة خلافاً للشافعي. وقيل: المعاقدة التبني. ومعنى عاقدت أيمانكم: عاقدتهم أيديكم وما سحتموهم. وقرئ {عقّدت} بالتشديد والتخفيف بمعنى عقدت عهودهم أيمانكم..تفسير الآية رقم (34): {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)}{قَوَّامُونَ عَلَى النساء} يقومون عليهن آمرين ناهين، كما يقوم الولاة على الرعايا. وسموا قوّاماً لذلك. والضمير في {بَعْضَهُمْ} للرجال والنساء جميعاً، يعني إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم وهم الرجال، على بعض وهم النساء. وفيه دليل على أنّ الولاية إنما تستحق بالفضل، لا بالتغلب والاستطالة والقهر. وقد ذكروا في فضل الرجال: العقل، والحزم، والعزم، والقوّة، والكتابة في الغالب، والفروسية، والرمي، وأنّ منهم الأنبياء والعلماء، وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى، والجهاد، والأذان، والخطبة، والاعتكاف، وتكبيرات التشريق عند أبي حنيفة، والشهادة في الحدود، والقصاص، وزيادة السهم، والتعصيب في الميراث، والحمالة، والقسامة، والولاية في النكاح والطلاق والرجعة، وعدد الأزواج، وإليهم الانتساب، وهم أصحاب اللحى والعمائم {وَبِمَا أَنفَقُواْ} وبسبب ما أخرجوا في نكاحهنّ من أموالهم في المهور والنفقات. وروى: أنّ سعد بن الربيع وكان نقيباً من نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير. فلطمها. فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أفرشته كريمتي فلطمها فقال: {لتقتص مِنْهُ} فنزلت، فقال صلى الله عليه وسلم: أردنا أمراً وأراد الله أمراً، والذي أراد الله خير، ورفع القصاص. واختلف في ذلك، فقيل لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها، ولكن يجب العقل. وقيل: لا قصاص إلا في الجرح والقتل. وأما اللطمة ونحوها فلا {قانتات} مطيعات قائمات بما عليهنّ للأزواج {حفظات لّلْغَيْبِ} الغيب خلاف الشهادة. أي حافظات لمواجب الغيب إذا كان الأزواج غير شاهدين لهنّ حفظهن ما يجب عليهنّ حفظه في حال الغيبة. من الفروج والبيوت والأموال.وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «خير النساء امرأة إن نظرتَ إليها سرّتك، وإن أمرْتها أطاعتك وإذا غبتَ عنها حفظتك في مالها ونفسها»، وتلا الآية وقيل: {للغيب} لأسرارهم {بِمَا حَفِظَ الله} بما حفظهنّ الله حين أوصى بهنّ الأزواج في كتابه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» أو بما حفظهنّ الله وعصمهنّ ووفقهنّ لحفظ الغيب، أو بما حفظهنّ حين وعدهنّ الثواب العظيم على حفظ الغيب، وأوعدهنّ بالعذاب الشديد على الخيانة. و(ما) مصدرية. وقرئ {بما حفظَ اللهَ} بالنصب على أنْ ما موصولة، أي حافظات للغيب بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانة الله، وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم.وقرأ ابن مسعود: {فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهنّ}. نشوزها ونشوصها: أن تعصي زوجها، ولا تطمئن إليه وأصله الانزعاج {فِى المضاجع} في المراقد. أي لا تدخلوهن تحت اللحد أو هي كناية عن الجماع.وقيل: هو أن يوليها ظهره في المضجع وقيل: في المضاجع: في بيوتهن التي يبتن فيها. أي لا تبايتوهن. وقرئ: {في المضجع}، و {في المضطجع}. وذلك لتعرّف أحوالهن وتحقق أمرهن في النشوز أمر بوعظهن أوّلاً، ثم هجرانهن في المضاجع، ثم بالضرب إن لم ينجع فيهن الوعظ والهجران. وقيل: معناه أكرهوهن على الجماع واربطوهن، من هجر البعير إذا شدّه بالهجار. وهذا من تفسير الثقلاء. وقالوا: يجب أن يكون ضرباً غير مبرِّح لا يجرحها ولا يكسر لها عظماً ويجتنب الوجه.وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «علق سوطك حيث يراه أهلك» وعن أسماء بنت أبي بكر الصدّيق رضي الله عنهما: كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير بن العوّام، فإذا غضب على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها. ويروى عن الزبير أبيات منها:{فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} فأزيلوا عنهن التعرض بالأذى والتوبيخ والتجني، وتوبوا عليهن واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن بعد رجوعهن إلى الطاعة والانقياد وترك النشوز {إِنَّ الله كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} فاحذروه واعلموا أنّ قدرته عليكم أعظم من قدرتكم على من تحت أيديكم. ويروى: أن أبا مسعود الأنصاري رفع سوطه ليضرب غلاماً له، فبصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصاح به: «أبا مسعود، للَّهُ أقدر عليك منك عليه» فرمى بالسوط وأعتق الغلام. أو إن الله كان علياً كبيراً وإنكم تعصونه على علو شأنه وكبرياء سلطانه، ثم تتوبون فيتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو عمن يجني عليكم إذا رجع. .تفسير الآية رقم (35): {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}{شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} أصله: شقاقاً بينهما، فأضيف الشقاق إلى الظرف على طريق الإتساع، كقوله: {بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} [سبأ: 33] وأصله: بل مكر في الليل والنهار. أو على أن جعل البين مشاقاً والليل والنهار ماكرين، على قولهم: نهارك صائم. والضمير للزوجين. ولم يجر ذكرهما لجري ذكر ما يدل عليهما، وهو الرجال والنساء {حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ} رجلاً مقنعاً رضياً يصلح لحكومة العدل والإصلاح بينهما، وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما، لأنّ الأقارب أعرف ببواطن الأحوال، وأطلب للصلاح، وإنما تسكن إليهم نفوس الزوجين، ويبرز إليهم ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة، وموجبات ذلك ومقتضياته وما يزويانه عن الأجانب ولا يحبان أن يطلعوا عليه.فإن قلت: فهل يليان الجمع بينهما والتفريق إن رأيا ذلك؟ قلت: قد اختلف فيه، فقيل: ليس إليهما ذلك إلا بإذن الزوجين. وقيل: ذلك إليهما، وما جعلا حكمين إلا وإليهما بناء الأمر على ما يقتضيه اجتهادهما.وعن عبيدة السلماني: شهدت علياً رضي الله عنه وقد جاءته امرأة وزوجها ومع كل واحد منهما فئام من الناس، فأخرج هؤلاء حكماً وهؤلاء حكماً. فقال عليّ رضي الله عنه للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما. فقال الزوج: أما الفرقة فلا. فقال عليّ: كذب والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك. فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعليّ.وعن الحسن: يجمعان ولا يفرقان.وعن الشعبي: ما قضى الحكمان جاز. والألف في {إِن يُرِيدَا إصلاحا} للحكمين. وفي {يُوَفّقِ الله بَيْنَهُمَا} للزوجين أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله، بورك في وساطتهما، وأوقع الله بطيب نفسهما وحسن سعيهما بين الزوجين الوفاق والألفة، وألقى في نفوسهما المودّة والرحمة. وقيل: الضميران للحكمين، أي إن قصدا إصلاح ذات البين والنصيحة للزوجين يوفق الله بينهما، فيتفقان على الكلمة الواحدة، ويتساندان في طلب الوفاق حتى يحصل الغرض ويتم المراد. وقيل: الضميران للزوجين. أي: إن يريدا إصلاح ما بينهما وطلبا الخير وأن يزول عنهما الشقاق يطرح الله بينهما الألفة، وأبدلهما بالشقاق وفاقا وبالبغضاء مودة. {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} يعلم كيف يوفق بين المختلفين ويجمع بين المفترقين {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأرض جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ولكن الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63]..تفسير الآية رقم (36): {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)}{وبالوالدين إحسانا} وأحسنوا بهما إحساناً {وَبِذِى القربى} وبكل من بينكم وبينه قربى من أخ أو عم أو غيرهما {والجار ذِى القربى} الذي قرب جواره {والجار الجنب} الذي جواره بعيد.وقيل الجار: القريب النسيب، والجار الجنب: الأجنبي. وأنشد لبلعاء بن قيس:وقرئ: {والجار ذا القربى}، نصباً على الاختصاص. كما قرئ {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238] تنبيهاً على عظم حقه لإدلائه بحق الجوار والقربى {والصاحب بالجنب} هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك، إما رفيقاً في سفر، وإما جاراً ملاصقاً، وإما شريكاً في تعلم علم أو حرفة. وإما قاعداً إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه. فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه، وتجعله ذريعة إلى الإحسان. وقيل: الصاحب بالجنب: المرأة {وابن السبيل} المسافر المنقطع به، وقيل الضيف، والمختال: التياه الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه ومماليكه، فلا يتحفى بهم ولا يلتفت إليهم. وقرئ: {والجار الجنب}، بفتح الجيم وسكون النون. .تفسير الآية رقم (37): {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}{الذين يَبْخَلُونَ} بدل من قوله: {مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} أو نصب على الذم. ويجوز أن يكون رفعاً عليه، وأن يكون مبتدأ خبره محذوف، كأنه قيل: الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون، أحقاء بكل ملامة. وقرئ {بالبخل} بضم الباء وفتحها. وبفتحتين. وبضمتين: أي يبخلون بذات أيديهم، وبما في أيدي غيرهم. فيأمرونهم بأن يبخلوا به مقتاً للسخاء ممن وجد. وفي أمثال العرب: أبخل من الضنين بنائل غيره. قال:ولقد رأينا ممن بلي بداء البخل، من إذا طرق سمعه أنّ أحداً جاد على أحد. شخص به وحلّ حبوته، واضطرب، ودارت عيناه في رأسه، كأنما نهب رحله وكسرت خزانته، ضجراً من ذلك وحسرة على وجوده. وقيل: هم اليهود، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يتنصحون لهم ويقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون. وقد عابهم الله بكتمان نعمة الله وما آتاهم من فضل الغنى والتفاقر إلى الناس.وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن ترى نعمته على عبده» وبنى عامل للرشيد قصراً حذاء قصره، فنمّ به عنده. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إن الكريم يسره أن يرى أثر نعمته، فأحببت أن أسرك بالنظر إلى آثار نعمتك، فأعجبه كلامه. وقيل: نزلت في شأن اليهود الذين كتموا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
|